هدى نونو: وجه البحرين اليهودي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كتب: جوزف حرب
ليست المرة الاولى التي تتقلد فيها امرأة عربية منصب سفير، لكنها المرة الاولى التي تتسلم فيها عربية من أصل يهودي، او يهودية عربية مسؤوليات سياسية ودبلوماسية على مستوى عال في الخليج، مناسبة هذا الكلام هدى عزرا نونو البحرينية سفيرة بلادها الجديدة في الولايات المتحدة. من هي هدى؟

هدى عزرا ابراهيم نونو، من مواليد المنامة في العام 1964. ناشطة سياسية بحرينية، وعضو سابق في مجلس الشورى البحريني، وتشغل حالياً منصب سفيرة البحرين في واشنطن، وهي تحمل شهادة الماجستير في ادارة الاعمال من جامعات بريطانيا، كما انها أحد مؤسسي جمعية البحرين لحقوق الانسان، وقد تم انتخابها أميناً عاماً للجمعية في العام 2002.
وهدى سليلة عائلة يهودية بحرينية معروفة. جدها خدم في مجلس بلدية البحرين في العام 1934، وقد تولى العضوية بالانتخاب الشعبي المباشر. والدها هو عزرا نونو، التاجر المعروف في البحرين، وابن عمها هو عضو مجلس الشورى السابق ابراهيم نونو. تلقت تعليمها في مدرسة مختلطة بادارة راهبات ايطاليات. وعندما بلغت سن الـ15 ارسلها والداها الى مدرسة داخلية في بريطانيا. هناك حصلت على درجة البكالوريوس في المحاسبة من معهد «سيتي اوف لندن بوليتكنيك»، كما حصلت على درجة الماجستير في ادارة الاعمال، من «انترناشونال يونيفرسيتي اوف يوروب» في ووتر فرونت.
وهدى كانت أول يهودية تنضم الى مجلس الشورى البحريني، وأول يهودية تتسلم منصب الامين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الانسان، خصوصاً التشريعات الخاصة للطفل، وملاءمة القوانين للمعايير العالمية لحقوق الانسان. وفي العام 2008، اصبحت نونو أول سفيرة يهودية لبلادها الامر الذي أثار موجة من التساؤلات في الاوساط المتشددة.
والجدير ذكره ان هدى نونو هي حفيدة يهود عراقيين هاجروا الى أرخبيل دولة البحرين الصغيرة. وقد أطلت على الساحة السياسية كعضو مؤسس للجمعية البحرينية لحقوق الانسان في العام 2004، وشاركت في تسليط الضوء على المحنة التي يعيشها عمال المنازل، والعمالة الاجنبية الاخرى في البحرين ودول الخليج، كما عملت على تعزيز حقوق المرأة والطفل، وفي العام 2006 تم تعيينها في مجلس الشورى، حيث حلت محل ابن عمها ابراهيم اول عضو يهودي في المجلس. فيما بعد، أعرب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، عن رغبته في تعيينها سفيرة لبلاده في واشنطن. وفور تسرب الخبر ترددت الاتهامات عبر وسائل الاعلام البحرينية وادرج هذا الكلام في سياق حملة للعلاقات العامة. وتعليقاً على ذلك قالت هدى نونو: عندما نشرت عناوين الصحف ان الحكومة في صدد ارسال سفيرة يهودية الى واشنطن، اغضبني الامر فعلاً وآذتني هذه الاخبار لأنني بحرينية. لقد اشاروا الى ديني وتناسوا انني بحرينية. وأنا اعتقد ان اختياري كان نتيجة لعملي في مجال حقوق الانسان، كما انني كنت صريحة دائماً وشفافة في عملي السياسي. وهذا ما أوصلني الى هذا الموقع، ولم اكن اتصور مطلقاً انني سأكلّف بمهمة في واشنطن وانني سوف أخدم بلادي بهذه الصفة.
سلفها في المنصب، السفير ناصر البلوشي قال: اننا لا نفكر بهذه الطريقة. السنّة والشيعة والمسيحيون واليهود هم بحرينيون في المقام الاول، ويتعين عليهم خدمة بلادهم، وهذا هو النهج الذي تسير عليه البحرين.
الارقام الرسمية تقول ان عدد اليهود الذين ما زالوا في البحرين اليوم، لا يتجاوز الاربعين شخصاً، وقد هاجر معظم الأسر اليهودية السبع المتبقية في النصف الاول من القرن العشرين، بعدما قدموا من العراق وبلاد فارس والهند. والد هدى كان يمثل مجلس الطائفة اليهودية الذي أسسه البريطانيون في العام 1919، وبعد تأسيس اسرائيل غادر الكثير من يهود البحرين لكن بعضهم عاد الى البحرين بعد الاكتشافات النفطية.
والسفيرة الجديدة أم لطفلين. هي تقول انها قادرة على مواجهة هذا التحدي الجديد بارتياح. وفي المقابل، يذهب المعلقون سرا الى ان تعيينها في هذا المنصب يشكل إشارة الى الولايات المتحدة الاميركية التي يتواجد اسطولها الخامس في مياه البحرين ويقول المعارضون ان تعيينها اشارة اولى الى احتمال الانفتاح على اسرائيل، التي لا تقيم معها البحرين اي علاقات حتى الآن.
من جهة اخرى، ذكرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الالمانية ان تعيين اليهودية البحرينية هدى سفيرة لمملكة البحرين في الولايات المتحدة، يشكل رسالة عرفان جميل الى واشنطن التي يتواجد اسطولها الخامس في مياه البحرين. واضافت ان بعض المراقبين يرون ان تعيين نونو هو عبارة عن رسائل غزل الى واشنطن وتل ابيب معاً، في حين يرى آخرون ان القرار يُعد مؤشراً على الرغبة في الاصلاح والانفتاح.
وخلال استقبالها وفداً اعلامياً بريطانيا في العام 2006، رحبت هدى نونو التي كانت امينا عاماً لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الانسان، باعضاء الوفد وأعربت عن اعتزازها «بدور الصحافة الوطنية والعالمية في الدفاع عن حقوق الانسان، وبأهمية الحريات الصحفية وحق التعبير والنشر المسؤول». وأوضحت ان حقوق الانسان والحريات في مملكة البحرين «تشهد خطوات كبيرة ومهمة وتحظى بمساحة كبيرة من حرية العمل والنشاط والاهتمام، انطلاقاً من اهمية دور جمعيات حقوق الانسان في ترسيخ وحماية وتعزيز دور واهداف مؤسسات المجتمع المدني، من اجل ترسيخ الحكم الصالح واحترام حقوق الانسان والمرأة والطفل.
وكانت نونو قد اكدت عقب صدور مرسوم تعيينها عضوة في مجلس الشورى، ان هذه العضوية تعتبر «مهمة وطنية كبرى، وتكليفاً ستقوم مع بقية زملائها وزميلاتها بتطبيقه بكل امانة واخلاص ووطنية مشيرة الى انها ستركز في الكثير من المسائل المهمة، مثل حقوق الانسان والتشريعات الخاصة بالطفل، وملاءمة القوانين للمعايير العالمية لحقوق الانسان، اضافة الى مشاركتها في اللجان داخل المجلس. وأضافت ان تعيينها في مجلس الشورى يضاف الى الانجازات والمكتسبات التي تم تحقيقها من خلال المشروع الاصلاحي الموعود في البحرين، والذي يعتبر نموذجا مهما للديمقراطية، يحتذى به في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً لجهة تعيين هذا العدد الكبير من نساء البحرين في مجلس الشورى، وتعيين ممثلتين للاقليات المسيحية واليهودية، الامر الذي يشكل اضافة كبيرة وزائدة في التجربة التشريعية».
الى ذلك، نفت سفيرة البحرين لدى الولايات المتحدة، ما نشر على لسانها، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في ما يتعلق بالجمهورية الاسلامية الايرانية، خلال زيارة قامت بها الى كلية فريدريك في ولاية فرجينيا. واكدت ان ما نشر لا يعكس توجه البلدين الصديقين وسعيهما الدؤوب الى اقامة علاقات اكثر رسوخاً وتطوراً على المستويات كافة لما فيه تحقيق المصالح العليا للبلدين وللشعبين الصديقين.
تبقى اشارة الى ان البحرين، وفي رأي فريق واسع من المراقبين، تحتاج في هذه المرحلة الى اطلالة جديدة في اعقاب الانتخابات التشريعية الاخيرة التي حفلت بأعمال العنف والانتهاكات، وقد يكون تعيين نونو ضرورة سياسية لضمان مزيد من الحماية للنظام القائم، من خلال إبراز وجه المملكة «الديمقراطي» المتسامح.
المصدر : الكفاح العربي