اثرا لشيوعية الجنسية على الجانب الاجتماعي

من طرف سارق النور السبت يونيو 20, 2009 1:38 am

إذا كان للشيوعية الجنسية أثر على الجانب النفسي والصحي للإنسان ، فإن لها أثر كبير أيضا على الجانب الاجتماعي ، ويظهر ذلك واضحا في المجتمعات التي طبقت هذا النظام في حياتهم وهي المجتمعات الغربية .
إن المجتمعات الغربية التي بلغت الإباحية الجنسية فيها ذروتها ، أصبحت علاقة الزوج بزوجته أشبه بصلة المقيمين سويا في فندق لظروف عارضة أو لمصالح مشتركة مادية ونفسية ، فلا يلتقيان إلا في الساعات القليلة ، التي تسبق النوم، يقول أبو الأعلى المودودي : ليس للعلاقة الزوجية بين الصنفين عندهم من غاية سوى قضاء بعض الشهوات الحيوانية ، ثم كان في ذلك المجتمع أرسال من الذواقين والذواقات يهيمون كالفراش بكل زهرة من أزهار الروض يستنشقون عبيرها ويمتصون رحيقها ، فلا يمكن أن يقوم فيه هذا النظام العائلي . وإن قام فلا يمكن أن يستقر : ذلك بأن رجاله ونساءه لا يعودون يصلحون للاضطلاع بأعباء الزواج وتبعاته وحقوقه وواجباته والتزاماته الخلقية ، ويكون من تأثير هذه الحالة العقلية والخلقية فيهم أن ينشأ جيل لاحق على خلق أسوأ مما كان عليه الجيل السابق . ويبلغ من أثره الأفراد وأنانيتهم ما يشتت شمل المجتمع ، ومن نزق النفوس وتلونها ما يجعل سياستهم الوطنية وسلوكهم الدولة كريشة في مهب الرياح ، لا تدوم على موقف. ويتكدر عيش الأفراد بخلو بيوتهم من الهدوء والسكون ، ويلح عليهم قلق نفسي دائم يحرمهم فراغ الخاطر وهدوء الذهن ، وكل هذا عذاب من جحيم الدنيا ، يلقى الإنسان فيه بنفسه لغرامه ، بل لهيامه المتطرف بالمتع واللذات (<1>) .
أما من حيث الزواج والطلاق بين الرجال والنساء : فإن الإباحية الجنسية لها تأثير كبير على هذه الأنظمة .
فبالنسبة للزواج : فإنه في المجتمعات الإباحية منخفض جدا (<2>) ، لأن الكثير من الشباب والشابات معرضون عنه ؛ حتى لا يحملوا أنفسهم أعباء الزواج وتكوين الأسرة ، ما دام هناك ما يصرفون فيه طاقاتهم الجنسية دون أية قيود . وإن كان هناك إقبال من البعض على الزواج ، فإنه لا يقصد به التحصن ولا الالتزام ، وإنما يقصد به تحليل الولد الذي قد ولدته المرأة قبل النكاح ، حتى يكون ولدا شرعيا .
ويقول "لبول بيورو" : "إن عامة الشباب يريدون بعقد النكاح استخدام بغي في بيتهم أيضا ، ذلك أنهم يظلون مدة عشر سنين أو أكثر يهيمون في أودية الفجور أحرارا طلقاء ، ثم يأتي عليهم حين من دهرهم يملون تلك الحياة الشريدة المتعلقة ، فيتزوجون بامرأة ، حتى يجمعوا بين هدوء البيت وسكينته ، ولذة المخادنة خارج البيت" (<3>) .
ولذلك فإن الخيانة الزوجية ، والوقوع في الزنا عندهم ليس بجريمة يعاقب عليها ، فكل من الزوجة والزوج يتخذ من الأخدان (*) ما يريد ، وما يشبع رغبته دون لوم من أحد ؛ لأن ذلك أصبح ـ عند الغرب ـ أمرا عاديا ، وعرفا معترفا به في المجتمع الأوروبي ، يتم برضا الزوج والزوجة ، أو بدون رضا ، في كلتا الحالتين سواء ؛ لأنه ليس عليه عقوبة .
ومن العجيب أن رجال الدين المسيحي هناك ، تغيرت نظرتهم إلى الزنا والخيانة الزوجية وهونوا من أمرهما … فقد كون المجلس البريطاني للكنائس لجنة لتحديد موقف الكنيسة من العلاقات الجنسية غير المشروعة ، وبعد دراسة استمرت عامين ، أصدر المجلس المذكور في 18 أكتوبر عام 1966 تقريرا جاء فيه : "إن الزنا لا يجب أن ينظر إليه على أنه سبب تلقائي للطلاق ، ولكنه كفرصة للعفو والغفران" (<4>) .
وتقول الكاتبة الغربية إيرين كيلفن في كتابها "نحو الحرية الجنسية" : "إن الفكرة القائلة أن الخيانة الزوجية معناها نهاية الحياة الزوجية ، أو الرغبة في قطعها ، في طريقها إلى الزوال سريعا بين النساء .
"لقد كانت الخيانة الزوجية بالنسبة للرجل ، لا تعنى شيئا من هذا مطلقا ، بل إنها دائما عندهم مجرد خطأ يغتفر والمشاهد أن جميع الرجال ، بل وأشدهم تقوى ، وكذا معظم النساء ، يتوقون ـ ولو لم يبدو ما في نفوسهم ـ إلى التغيير … إلى شئ جديد في علاقاتهم الجنسية" (<5>) .
أما بالنسبة للطلاق : فإن الإباحية الجنسية في الدول الغربية ، رفعت من معدله ارتفاعاكبيرا ، وذلك لضعف الرابطة بين الأزواج ، فكل من الزوج والزوجة ، أمامه مجالا واسعا لتنفيس طاقته الجنسية ، فالرابطة الزوجية ليست من الأهمية بمكان في حياتهم؛ لذلك فإن الانفصال أو الطلاق يتم وقتما يريد الزوج أو الزوجة ولو بعد وقت قليل من الزواج ، بل ولأتفه الأسباب يتمالطلاق .
يذكر عن رجل من الفرنسيين أنه طلق امرأته بعد خمس ساعات من انعقاد الزواج بينهما وربما كان أسباب الطلاق تافهة كاشمئزاز أحد الزوجين من غطيط الآخر في النوم ، أو كون أحدهما لا يحب كلب الآخر . وقد بلغ من تفاحش الطلاق ، أن محكمة الحقوق بمدينة سين فسخت 294 نكاحا في يوم واحد ، ووقع في سنة 1841 م التي قرر فيها قانون الطلاق الجديد أربعة آلاف طلاق . وبلغ هذا العدد سبعة آلاف سنة 1900 م ، وستة عشر ألفا سنة 1913 م ، وواحدا وعشرين ألفا سنة 1931 م . وتذكر إحصائية أخرى أن نسبة الطلاق في السويد هي أكبر نسبة في العالم ، وإن طلاقا واحدا يحدث بين كل ست أو سبع زيجات طبقا للإحصاءات التي أعدتها وزارة الشئون الاجتماعية بالسويد(<6>).
(<1>) انظر توجيهات الإسلام في نطاق الأسرة للدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ص 63 ، 64 . / ط 1984 إدارة الثقافة والنشر السعودية .
(<2>) انظر مجلة الوعي الإسلامي / عدد 355 / أغسطس سنة 1995 / ص 66 .
(<3>) المصدر السابق ص 64 .
(*) اقرأ في جريدة حديث المدينة الأربعاء 24/12/2003 م ص 3 عن الخيانة الزوجية جاء فيها : " يروي المحامي روس لندن 41عاما من ولاية منهاتن حكايته مع زميلته فى العمل … ألمحت أمامه أنها لا تستطيع الحكم على رجل دون أن تشاركه قواسم حميمة … من هنا خطط الطرفان للقاء حميم بعد الانتهاء من العمل … " .
(<4>) المرأة والأسرة ص 54 ، 55 .
(<5>) نفس المصدر ص 55 .
(<6>) انظر توجيهات الإسلام في نطاق الأسرة ص 65 ، وانظر مجلة الوعي الإسلامي عدد 354 ص 66 ..