هل يتراجع وزير الصحة عن قرار الـ35 متر..!

صيدلي: القرار سيرمي المهنة في أحضان التجار والسماسرة

مديرية الصحة: إحالة القرار للدارسة لا يلغيه ونحن نطبق القانون

ثلاثة أشهر مضت ولم يستقر حال الصيادلة الذين يريدون فتح صيدليات لتأدية خدمة الريف، نتيجة عدم الوصول لصيغة اتفاق بين نقابة صيادلة ريف دمشق ومديرية الصحة في المحافظة بخصوص تنفيذ القرار الصادر عن وزير الصحة والقاضي بتحديد المسافة بين الصيدلية والأخرى بـ35 متر في ريف دمشق.


القرار (21/ت) موضوع الخلاف صدر بتاريخ 30/7/2009 وينص على انه "يجب ألا تقل المسافة بين مركز الصيدلية المراد إحداثها ومركز الصيدلية القائمة 100 م في دمشق وحلب، و65 في مراكز المحافظات، و35 م في المناطق والمدن والنواحي والبلدان والقرى.



عزت نقابة صيادلة ريف دمشق التي يسري عليها تطبيق الـ35 متر، رفضها للقرار كونه يجعل المهنة "تجارية"، فضلاً عن حصولها على كتاب وزاري يحيل القرار" للدراسة"، في حين رأت مديرية الصحة أن عليها "الالتزام بتنفيذ القرار كونه صادر عن الوزير ولا وجود لقرار آخر".



جدل النقابة والصحة

شكاوى عديدة تلقتها سيريانيوز لعدم التزام النقابة بتطبيق القرار، فللحصول على ترخيص بفتح صيدلية يقوم الصيدلاني بالتقدم بأوراقه لمديرية الصحة ثم عليه بعد ذلك إحضار وثيقة نقابية تؤكد انتسابه للنقابة، ليعود لاستكمال الأوراق المطلوبة بالمديرية.

قال الصيدلاني (ع.ش)" لم تمنحنا النقابة وثيقة نقابية لفتح الصيدلية واستكمال الأوراق في حين أن مديرية الصحة تقوم بتطبيق القرار" متسائلاً عن "الجهة الواجب اعتمادها والوثوق بها" .

وأضاف (ع.ش) " لم أقم بحجز الصيدلية إلى الآن فزميلتي قامت بحجز واحدة بعد الحصول على موافقة من مديرية الصحة وبدأت بتجهيزها لكنها سرعان ما ألغت الحجز كون نقابة الريف لم تلتزم بقرار الوزير".



بدوره، قال الصيدلاني (و.ل) أن "المشكلة لم تعد خاصة" مشيراً إلى "شكاوى كثيرة وصلت لقسم شؤون الصيادلة بوزارة الصحة نتيجة رفض إعطاء وثيقة من قبل النقابة".



ووصف أعذار النقابة لعدم تطبيق القرار بـ" الواهية" وأضاف" عندما اعترضنا على ما تقوم به النقابة نصحونا أن نقوم بالشكوى متذرعين بحجج أهمها أن القرار سيخلق منافسة غير شريفة بين الصيادلة، حيث أن الصيدلي القديم ومن سيقوم بفتح صيدلية بجانبه سيظلمان بهذا القرار كون الناس سيفضلون الصيدلاني الأقدم الذي سيتعرض بنفس الوقت للمنافسة من قبل الصيدلي الجديد الذي لن تشهد صيدليته إقبالاً بسبب وجود صيدلية أقدم".



ومن جهته اشتكى صيدلاني آخر (لم يرغب بالكشف عن اسمه) من قيام النقابة "بالوقوف في وجه الصيادلة الجدد بعدم التزامها بتنفيذ القرار ما يؤكد عدم القيام بدعم الجيل الشاب رغبة في إرضاء مصالح شخصية لأعضاء النقابة كونهم لا يريدون أن يقوم أحد بفتح صيدلية تجاورهم خشية المنافسة".



قرار جائر ويجب إلغاؤه

وفي جولة ميدانية أجرتها سيريانيوز على صيدليات بريف دمشق تبين خلالها معارضة شديدة للقرار ووصفه بـ "القرار الجائر الذي لا يجب أن يطبق".



تحدث الصيدلاني الياس الحلياني(جرمانا) عن تبعات هذا القرار وأثره على مهنة الصيادلة قائلاً "إن هذا القرار قام بتدمير البعد الإنساني للمهنة، عبر رميها في أحضان التجار والسماسرة فأول مفاعيل القرارـ والذي سيتحمل مسؤوليته كل من له علاقة بإصداره وتنفيذه ـ سيكون تنشيط سوق الفساد والسمسرة غير الشرعية، فالتجار سيكونون أول الواصلين لهذه الفرصة والتي أتت على طبق من ذهب، وبقرار حكومي لاستئجار الشهادات وفتح صيدليات بشكل عشوائي، وتنشيط مافيا الدواء، لتتحول الصيدليات لبقاليات لكل الأصناف" وكشف قيام بعض النافذين بالتحرك لشراء عدة محال تجارية في الحجر الأسود لاستثمارها عند تنفيذ القرار.



وأضاف " وسنجد في تلك الصيدليات كل ما هو ممنوع من أدوية مخدرة وأدوية هلوسة وأدوية مجهولة المنشأ ".



وضرب حلياني مدينة جرمانا كمثال تم إدراجه في هذا القرار فقال"جرمانا مدينة كبيرة ، تبعد أقل من كم واحد فقط عن دمشق ، وأقل من خمسمائة متر عن منطقتي الدويلعة وباب شرقي ، اللتين لا يشملهما القرار ، وفيها اليوم أكثر من مائة وخمسين صيدلية ،ما يعني أن عدد الصيدليات فيها أكبر من العدد المتواجد في عدد من المحافظات السورية ، ومع ذلك تم إخضاعها لذلك القرار" .



عدم مراعاة التوزع السكاني

اعتبرت الصيدلانية ريم القائد(ضاحية حرستا) أن" تطبيق القرار 21/ت سيسهم في إنزال دخل الصيدلاني إلى الثلث ما ينعكس سلباً على مستواه المادي، وبالتالي يؤثر على مستوى الخدمة الصحية التي يقدمها،إضافةً إلى أن الصيادلة سيدخلون بمنافسة غبر شريفة، فالمهن الإنسانية يجب ألا تتدنى إلى مستوى المنافسة في الربح".



بدوره، أشار الصيدلاني محمد الحافظ (عربين) إلى "تكتل صيدليات بعربين في البلد القديمة حيث يفصل بين الصيدلية والأخرى 90 متر، في حين أن مناطق توسع البلد القديمة تشهد نقصاً كبيراً في الصيدليات فكلما زاد عدد سكان المنطقة تجمع فيها الصيادلة الأمر الذي يحرم الباقين من الخدمات الصيدلية".



وأشار الصيدلاني لطفي مراد (دوما) إلى أن "القرار كان يحتاج لدراسة بشكل أوسع فكل منطقة في ريف دمشق لها خصوصية حيث يتداخل الريف بالمدينة بعض الأحيان"، ويضيف "هناك اتساع عمراني مستمر في جميع المناطق فلا مبرر لتمركز الصيدليات وتجمعها في نقطة واحدة ويفصل بينها 35 م في حين تحرم مناطق من الخدمة الصيدلانية".



عدم مراعاة عدد الأطباء

انتقد الصيدلاني (الحافظ) القرار فيما يتعلق بمدينة دمشق، حيث يحديد المسافة بين الصيدلية والأخرى بـ 100 متر دون الربط بين عدد الأطباء في الشارع الواحد وعدد الصيدليات " في شارع الحمراء بدمشق صيدلية واحدة و100 طبيب، وأيضاً بالمهاجرين نجد حولي الـ 100 بناية ولا يوجد سوى صيدلية واحدة ، أليس تطبيق قرار الـ 35 متر في تلك المناطق يسهم في تقسيم الربح بين الصيادلة، في حين أن عربين مثلاً فيها 20 طبيب و23 صيدلية".



من جهته اعتبر صيدلاني في الحجر الأسود أن"القرار ساوى بين البلدة والناحية والمنطقة في ريف دمشق ، فضلاً عن إغفاله مسألة الحدود الإدارية بين محافظتي الريف والمدينة ، ففي الحجر الأسود شارع سيطبق على أحد جانبيه قرار الـ35 م والطرف المقابل سيخضع لقرار الـ100 متر!".



النقابة: نحن لا نخالف القانون

علل رئيس فرع نقابة صيادلة ريف دمشق د.مازن الحمصي عدم التزامهم بالقرار الوزاري بسبب "حصولهم على كتاب من وزير الصحة يحيل من خلاله القرار رقم 12/ت للمداولة والمتابعة وذلك بتاريخ 10/9/2009".



وأوضح الحمصي "بعد صدور القرار التنظيمي 21/ت قامت النقابة بإرسال كتاب لوزير الصحة من أجل إعادة النظر في القرار وفقاً لمقترح المؤتمر العام الثلاثون واللجنة المشتركة لتصبح المسافة في جميع مراكز المدن والمناطق التي لا تعتبر خدمة مدينة 65 م ، أما باقي المدن والقرى والتي يتجاوز عدد سكانها الـ 500 نسمة فتكون المسافة 35 م"، لافتاً إلى وجود موافقة مبدئية على محضر المؤتمر العام وكذلك موافقة اللجنة المشتركة مع وزارة الصحة.



وفيما يتعلق بأسباب رفض القرار بين الحمصي بأن "قرب المسافة بين الصيدلية والأخرى أدى إلى انخفاض دخل الصيادلة، إضافة إلى أنه لا يحقق فرصة عمل حقيقية للصيادلة الجدد لتورطهم بدفع مبالغ لإنشاء الصيدليات لا تحقق لهم دخل متناسب مع سوية المهنة والرأسمال المبذول، فضلاً عن كونه يؤدي إلى تضخم الصيادلة بشكل كبير حول دمشق وبالتالي حرمان المناطق والمحافظات الأخرى من الخدمة الصيدلانية ".



ونوه الحمصي إلى أن "النقابة كانت تمنح وثائق نقابية لفتح صيدليات تبعد عن بعضها 35 م قبل الحصول على موافقة من الوزير لإحالة القرار للدارسة ولكن الان ننتظر نتائج الدراسة".

وأوضح الحمصي أنه "رغم اعتراضات الصيادلة على ذلك فإن عمل النقابة لا يتجاوز القانون" مشيراً إلى بند في النظام الداخلي للنقابة ينص على امتلاك النقابة الحق في دراسة أي طلب يتقدم به الصيدلاني للحصول على وثيقة نقابية لشهرين كحد أقصى"، مشيراً إلى احتمال صدور تعديل للقرار 21/ت خلال وقت قريب.



وتنص المادة التي اعتمدها رئيس فرع النقابة في النظام الداخلي على" يعرض الطلب مرفقاً بالأوراق الثبوتية على مجلس الفرع أو لجلسة يعقدها بعد تقديم الطلب شخصياً وذلك للتأكد من أهليته لمزاولة المهنة ومنحه الأوراق الثبوتية وانطباقها مع أحكام قانون النقابة ومدى قناعة مجلس الفرع بصحة مزاولة الصيدلي للمهنة، ويجب إصدار القرار بقبول الطلب أو رفضه معللاً خلال مدة أقصاها شهران من تاريخ تقديم الطلب وإلا اعتبر الطلب مقبولاً حكماً ذلك وفقاً لأحكام الفقرة ب من المادة 9 من قانون النقابة".

وطالب الحمصي أن "يتم تعديل القرار 21/ت لجعل المسافة بين الصيدلية والأخرى في ريف دمشق 100 متر أسوة بمحافظة دمشق".



صحة الريف : نلتزم بالقانون فقط

التقت سيريانيوز رئيسة شعبة السجل بمديرية صحة الريف د.فاطمة التي أشارت إلى أن "ليس من صلاحياتها تعطيل أشغال الصيادلة دون أن تستند إلى قرار وزاري" مبينة أن الموافقة المبدئية التي حصلت عليها نقابة الريف لا تعني إلغاء القرار رقم 21/ت" .



وأوضحت الحسن أنه" رغم استلام الكتاب من النقابة الذي يحيل القرار للدراسة فإن ذلك لا يعني إلغاء القرار فمديرية الصحة تقوم بمنح التراخيص لفتح صيدليات وتلتزم بالقانون فقط".



ونظراً لعدم وجود مركز محافظة في محافظة ريف دمشق جعلها تندرج في خانة المناطق والمدن والنواحي والبلدان والقرى بالنسبة للقرار 21/ت، لتصبح المسافة بين الصيدلية والأخرى 35 متر وليس 65 متر كما هو معتمد في جميع مراكز المحافظات السورية عدا حلب ودمشق .



وأشارت الحسن إلى أن" المشكلة تكمن بحاجة الصيدلاني لوثيقة نقابية من أجل فتح الصيدلية بعد أن يقوم بإجراءات الحجز في المديرية وبعد الحصول على الوثيقة تستكمل الإجراءات بالمديرية ولكن النقابة ترفض إعطاء الوثيقة ما شكل أزمة للأطراف الثلاثة "، لافتة إلى التزام المديرية بتنفيذ القرار الذي "لا يلغيه إلا قرار".



يذكر أن عدد الصيدليات في دمشق 1250 صيدلية، في حين يبلغ عدد صيدليات الريف 1850 صيدلية، وذلك وفقاً لإحصائيات نقابة صيادلة سورية في نهاية عام 2008 .

نور عكة ـ سيريانيوز