اختلاسات قدرت بملايين الليرات السورية .. جمعية خيرية تتحول لمشروع ربح عائلي في حمص

من طرف **admin** السبت نوفمبر 14, 2009 2:06 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حمص .. شام برس من رنا العبود
إن أسمى الغايات وأنبل المقاصد أن يحرص الإنسان على فعل الخير ويسارع إليه لتحقيق إنسانيته.ومن منا لا يشعر بطعم السعادة عندما يبادر لفعل الخير مدفوعاً لذلك بما حضت عليه إنسانيته و التشريعات السماوية.
ولكن ما هو الوضع عندما تذهب الأعمال الخيرية من تبرعات عينية ونقدية خرجت من فاعلي الخير بكل طيبة وحب لتكون بين أيدي أشخاص ضعاف النفوس أعمى الجشع أبصارهم وسخر لهم الطمع وسوء الأمانة كل السبل لصرف أموال المتبرعين على حوائجهم وملذاتهم الشخصية متناسين الهدف الذي جمعت له هذه التبرعات.
هذه الأسباب دفعت النائب العام بحمص لإحالة كل من ( ع . ز ) رئيس جمعية باب تدمر الخيرية بجرم اختلاس المال العام والتزوير ، برفقة عضوي مجلس الإدارة في الجمعية ( م . ل ) و ( ف. ن ) بجرم اختلاس المال العام إلى القضاء المختص ، بناءً على تقرير رئاسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 20-70-10-ع م أ تاريخ 29-1-2009 ، الذي أثارته شكوى أهالي حي باب تدمر على أعضاء مجلس إدارة الجمعية المذكورة .
بسبب ما أسماه أهالي الحي "التجاوزات الحاصلة بعمل الجمعية" التي من المفترض أن تكون لفعل الخير حيث حددت أهدافها من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بـ " إغاثة الفقراء من أهالي محلة باب تدمر وتقديم المساعدات المالية لهم ، وإغاثة المنكوبين في حالة الكوارث بتقديم المساعدات العينية لهم ، و تأسيس مستوصف في المحلة لمعالجة المرضى ، وتأسيس داري الخياطة وصناعات يدوية ، إضافة لتأسيس صالة أفراح يعود ريعها للفقراء والمحتاجين" وهي بمجملها أهداف أكثر من رائعة إن طبقت بالشكل الصحيح.
لكن أعضاء مجلس الإدارة وبحسب تقرير فرع الهيئة فقد ذهبوا بالجمعية لمآرب أخرى أصبحت معها مزرعة شبه عائلية من جهة ومن جهة أخرى مشروعهم الخاص ، الأمر الذي أكدته تحقيقات فرع الهيئة حيث تبين أن :" رئيس الجمعية (ع.ز) وأمين الصندوق (ف .ن) وأمين سر الجمعية - وهو ابن رئيس الجمعية - (ي.ز) والمحاسب ( م.ل) قاموا بإدارة الجمعية بغياب أغلب الأعضاء ، وإقرار كافة القرارات الخاصة بالجمعية" وقد جاءت هذه التهم مؤيدة بإفادة بعض الأعضاء الآخرين من الجمعية ، حيث أفاد
( أ . ن ) بأنه "حضر ثلاث اجتماعات فقط ولم تكن رسمية أو لها محاضر اجتماعات بل اقتصر الاجتماع على نقاش شفهي" فيما أفاد العضو ( م. ر ) بأنه "لم يدع إلى أي اجتماع باستثناء الجلسة الأولى" وأن "التواقيع على محاضر الجلسات الموجودة قرب اسمه مزورة ولا تعود له" وقد كان المتهمون يبقون أماكن بعض التواقيع فارغة على محاضر الجلسات ليتم لاحقاً تعبئتها من قبل رئيس الجمعية باعتراف رئيس الجمعية المذكور سابقاً.
كما بينت تحقيقات الهيئة :"وجود فرق بين الرصيد الفعلي والرصيد الدفتري في صندوق الجمعية" ، و" احتفاظ رئيس الجمعية وأمين الصندوق بالأموال العائدة للجمعية منذ بداية عام 2001 لغاية شهر شباط 2008" ، وقد تم تقدير الفوائد المترتبة على هذه الأموال بـ ( 782558 ) ليرة سورية ، علماً بان النصوص القانونية المعمول بها في الجمعيات الأهلية لا تسمح بالاحتفاظ بأكثر من مبلغ بسيط للنفقات النثرية.
وفي موضوع آخر فقد كان "يتم جمع التبرعات خلافاً للموافقات التي يتم أخذها من الجهات الوصائية ، رغم أن الإيصالات كانت تحمل أرقاماً محددة وقيم معروفة ، في حين كانت مجمل التبرعات الزائدة عن الإيصالات المحددة تتم بإيصالات مفتوحة القيمة وبدون ذكر أسماء صريحة للمتبرعين فيكتب ( فاعل خير- محسن ) مما يجعل هذه الأموال عرضة للتلاعب من قبل الجباة" وقد قدرت الهيئة هذه المبالغ بحوالي ( 2,347,950 ل.س ). هذا عدا أنه كان يتم جمع التبرعات العينية بدون موافقات أصولية وصرفها دون وجود مستند أصولي.
وتعتمد الجمعيات الأهلية في عملها على نظام داخلي يصدق أصولاً من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، ويضبط هذا النظام التعامل المالي للجمعيات بصرامة شديدة ، ويخضع لمراقبة الجهات الرقابية المعمول بها أصولاً.
وبين تقرير الهيئة بان رئيس الجمعية بالتعاون مع الأعضاء ( ي.ز- ا.ع - ن.ش - س.ن - م.ل) قد تقاضوا مبالغ مالية دون وجهة حق من إجمالي المبالغ المدفوعة للجمعية ، وقد بلغت هذه المبالغ 1,145,575ل.س. إضافة لاستخدام ابن رئيس الجمعية وهو أمين السر ( ي.ز) سيارة الجمعية لأغراضه الخاصة في الوقت الذي يفترض فيه أن تسخر هذه السيارة لخدمة الجمعية فقط .والمضحك أن المذكور كان يتقاضى مبلغاً شهرياً قدره 7000 ل.س على مدى ثلاثة سنوات دون وجهة حق حتى بلغ مجموع ما تقاضاه 336000 ل.س, بناءً على إفادة موظفة صالة الأفراح التابعة للجمعية ، وأضافت ( ف.ع ) بأن المذكور حصل على هذا الأجر تحت بند تنظيف الصالة دون أن يكون له أي عمل ضمن صالة الأفراح ، كما أنه لم يكن ليوقع على أوامر الصرف المخصصة لهذا البند ، وبسؤال محاسب الجمعية عن عدم التوقيع ، أجاب بأن ( ي . ز) سيقوم بالتوقيع فيما بعد.!!!!!
بالإضافة إلى ذلك بين تقرير الهيئة قيام رئيس الجمعية و( من يشد على يده من أعضاء مجلس الإدارة ) بصرف مبالغ وهمية منذ عام 2003 لغاية شهر شباط 2008 بأسماء مبهمة ووهمية من قبيل ( أبو حسام, أم عماد...الخ ) وقد بلغت قيمت هذه المبالغ ( 1,695,500 ل.س) في الوقت الذي كان من الممكن أن تذهب هذه الأموال إلى أشخاص يحتاجونها فعلاً.
وتمتاز سورية بانتشار الجمعيات الأهلية الخيرية على كامل أراضي الجمهورية للحد من ظواهر الفقر ، ومنع مد اليد والسؤال لبعض العائلات المستورة ، ويبلغ عدد الجمعيات الخيرية في حمص مثلاً 81 جمعية.
ورغم كل ما مضى من مخالفات للقوانين والأنظمة من هدر للمال أو اختلاس أو سرقة بطريقة أو بأخرى ، لم يكتف المتهمين بذلك بل قاموا باستخدام صالة الأفراح لغير أغراضها ( كبيع الأراكيل والدخان والمواد الاستهلاكية ) لنزلاء وزوار الصالة أثناء الأفراح ، عبر ابنة رئيس الجمعية هذه المرة بالتعاون مع زوجة ابنه.
مع انتهاء التحقيق في هذه القضية – مع أن التحقيق طلب وقتاً أطول للكشف عن تجاوزات أخرى بشكل تفصيلي –نتمنى أن يكون هذا التحقيق باكورة لفتح ملفات لجمعيات خيرية أخرى ، فالمستور - ربما - يكون أعظم بكثير مما كشف في الجمعية.
ومع أن المحامي العام طلب الحجز على أموال المتهمين وتحويلهم للقضاء المختص ، ولكن يبقى السؤال :هل تعيد هذه الإجراءات لحظات لمواطن كان بأمس الحاجة لبعض هذه التبرعات لقضاء حاجة قد تصل لحد الحياة أو الموت في الحالات الصحية...؟