(الطلاق عبر الإنترنت) يتسلل إلى المجتمعات العربية...حضور ثقيل للجدل بأشكاله الفكرية والدينية بغياب الأرضية القانونية

من طرف **admin** الجمعة أبريل 30, 2010 4:44 pm

ما زالت الدعوات التي تشير إلى إمكانية عقد النكاح أو الطلاق عبر الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» كتابة أو مشافهة، ردود أفعال متباينة في الكثير من المجتمعات العالمية.

كانت القناة الفرنسية «TV5 Monde» قد أعدت قبل أيام قليلة تقريراً مفصلاً عن حالات الطلاق عبر الإنترنت التي تشهدها بعض المجتمعات الأوروبية حالياً.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ويشار إلى أن السباق أصبح في هذا المضمار محموماً من قبل الكثير من المواقع الإلكترونية التي أصبحت تتسابق إلى عرض هذا النوع من الخدمات على أفراد المجتمع الذين أصبحوا بدورهم يتقبلون ويستمرئون هذه الطريقة في فسخ أكثر الروابط الاجتماعية قداسة تجمع بين ذكر وأنثى.
المضحك في الأمر أنه كان لا بد لهؤلاء الأزواج المتخاصمين والواقفين على حافة هاوية الطلاق أن يمثلوا أمام ثلة من القضاة الشرعيين في البلدة التي يعيشون فيها وبين يدي القاضي نسخة من رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن تفصيلات طلبات الطلاق بين الزوجين، ولم تكن هذه المشاهد لتخلو من الضحك على الإطلاق سواء من طرف القضاة أنفسهم أو حتى بين الزوجين المتخاصمين الذين يتلمسون الطلاق وهم في كامل حيويتهم وابتساماتهم التي لا تغيب عن وجوههم حتى خلال اتخاذ أكثر القرارات جرأة وهو الطلاق. ليبدو لمشاهد هذا التقرير أن ما يجري في المحكمة مجرد عقد قران بسيط وغير متكلف وليس طلاقاً أبدياً لا رجعة عنه!.
يدل هذا الكلام على اعتماد واعتراف بعض دول العالم الغربي رسمياً وقانونياً بهذه التقنية الحديثة في فصل العلاقات الاجتماعية على الرغم من أن آخر بل وأول ما كان يقال عن التقنيات الحديثة إنها وجدت لربط الناس بعضهم البعض وليس لتفرقتهم!.
وهكذا بدأ وجه آخر وجديد للتكنولوجيا الحديثة يظهر شيئاً فشيئاً من خلف الستار، ولم يكن لأحد يتوقع بروزه حالياً - على الأقل - في مجتمعاتنا العربية التي بدأت تتناقل وتتماهى مع الموجة الجديدة القادمة من الغرب وبوجهها العجيب.

كيف بدأ في العالم العربي؟
هناك قصة بدأت في منتصف عام 2000 في إمارة دبي، حيث أرسل زوج أميركي من أصل عربي رسالة إلكترونية عبر الانترنت إلى زوجته العربية قائلاً فيها بعد 5 سنوات زواج: «أنت طالق» لكن الزوجة رفضت الطلاق عبر الإنترنت ورفعت دعوى بطلان لهذا الطلاق.
ومنذ ذلك الحين بدأت حالات الطلاق عبر الإنترنت تتزايد أو عبر الوسائل الإلكترونية المتاحة مثل رسائل الهاتف الجوال، وهو ما تتطلب تزايد طلبات الفتوى من علماء الدين والقانون حول شرعية هذا الطلاق حتى إن خلافاً كبيراً يقوم بين علماء القانون والدين حول شرعية هذا الطلاق.

ظواهر تحتاج إلى فتاوى!!
وعلى الإنترنت الكثير من الأسئلة التي تسأل حول شرعية هذا الطلاق والكثير من الفتاوى فقد وصل سؤال إلى أحد المواقع الشرعية المتخصصة يقول: هل الطلاق على الإنترنت جائز؟ وكان المجيب هو الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الذي أجاز هذا الطلاق، وإن كان تخوف في رده من عدم أمان استخدام البريد الإلكتروني أو المحادثة عبر الإنترنت. ونصح بأن يكون الطلاق بالطرق المعهودة.
وقد وصل إلى أحد المواقع الإلكترونية الأخرى سؤال آخر شبيه بسابقه وكان الجواب شبيهاً بالجواب السابق حيث قال: «إن الطلاق بالإنترنت جائز، ولكن يحتاج توثيقاً حتى إذا أنكره يكون مع الزوجة دليل لتحتج به عند الإنكار».
إلا أن فتوى ثالثة تنسف الفتويين السابقتين، حيث يورد أحد المواقع الإلكترونية أيضاً فتوى لباحث شرعي يقول فيها بالحرف الواحد: «الطلاق بالإنترنت لا يعتد به ولا يقع الطلاق به، إلا إذا كان من باب الإعلام بعد النطق بالطلاق، أما كونه وسيلة تعتمد على الطلاق وحده فلا».

هل الزواج والطلاق سواء على الإنترنت؟
وأكدت إحدى الفتاوى أن إجراء العقد بين غائبين لا حرج فيه، فالطرفان غائبان بشخصيهما لكنهما يعقدان عقد الحاضرين، ويسمع كل واحد منهما الآخر، كما يسمعهما الشهود عند نطقهما بالإيجاب والقبول، وكذلك فإذا تلفظ الزوج بالطلاق عبر الانترنت فهذا واقع شرعاً، كما أنه إذا كتب الزوج طلاق زوجته عن طريق الإنترنت وهو يريد إيقاع الطلاق فقد وقع.
ولأن الفتوى أثارت لغطاً كثيراً من عدم توفر الاحترام الكامل لهيبة كتابة عقد الزواج وكذلك في وقوع الطلاق، ما سيدعو إلى إحداث فوضى في هذا الأمر، فقد أوضح أحد علماء الدين بأنه يجوز السماح بعقد القران واستكمال قسيمة الزواج عن طريق الانترنت، شريطة أن يكون المقبلان على هذه الخطوة يعرفان بعضهما جيداً، فلا يتم وضع صورة لفتاة غير المراد العقد عليها أو العكس أو يحدث تدليس بأي شكل، فإذا أمن الطرفان التدليس والغش فلا مانع من استكمال ترتيبات الزواج عن طريق الانترنت.
ويتابع أنه بالنسبة لوقوع الطلاق فلا ينبغي استخدام الانترنت في وقوعه، لأن أساس الطلاق يمكن أن يكون مشافهة ولا يلزم الشخص المطلق أن يكتب الطلاق إلا في حالة عدم قدرته على نطق اللفظ لظروف صحية، ولأن وقوع الطلاق يعد أمراً عظيما يترتب عليه هدم أسرة وتشريدها، فيجب ألا يباح التعامل فيه عن طريق الإنترنت بإباحة الزواج عبر «الإنترنت».

أمثلة من العالم العربي
يذكر أن شاباً عربياً في السابق قام بعقد قرانه على فتاة بعد أن تمكن من رؤيتها من خلال كاميرا «الماسنجر» وبموافقة والدتها، في واقعة هي فريدة من نوعها في الدول العربية، وكانت علاقة قد نشأت بين الشاب والفتاة من خلال مواقع الدردشة على شبكة الإنترنت امتدت إلى أكثر من 3 سنوات، لتتحول إلى قصة زواج حقيقية بعد أن وافقت الفتاة وأمها على أن تتم الرؤية من خلال كاميرا «الماسنجر» عن طريق الإنترنت، وتم الاتفاق على إتمام مراسم الزواج في أحد أعياد الأضحى.

لا قوانين لدينا للطلاق عبر الإنترنت؟
إن إجراءات الطلاق عندنا سهلة مقارنة بالشعوب الأخرى فلا يشترط في الطلاق وجود شهود ولا حضور ولي الأمر أو موافقته، وبأي وسيلة من الوسائل المؤكدة لنطق الزوج بكلمة «الطلاق» وبلاغها لزوجته تصبح مطلقة رسمياً لأن المسألة ليست عبثاً وإنما هي جد فهي أحد الوسائل التي جدها جد وهزلها جد.
ويرى البعض بأن مجتمعنا المحافظ يرفض بحكم طبيعته أي جديد وغريب على بيئته وطبيعته لذا فلن يقبل بهذا الأسلوب لأنه سيزيد من نسب الطلاق التي هي في الأساس مرتفعة في مجتمعاتنا.
هذا بالإضافة إلى أن إجراءات الطلاق عندنا لا تستهلك من الزوج والزوجة أموراً مالية كبيرة حيث إن بعض المحاكم في العالم العربي والإسلامي تسجل حالات الزواج والطلاق من دون رسوم مالية ودون طلب محامين حتى.
كما أن موضوع الطلاق عبر الإنترنت موضوع جديد يضاف إلى المواضيع الأخرى المتعلقة بالتعامل عن بعد مع عدم وجود قانون معتمد يحكم شروط الزواج والطلاق عن طريق الإنترنت.

المرفقات

: ma_201121851.jpg لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.(16 Ko) عدد مرات التنزيل 1