امرأة تتحدى العالم

امــرأة تتــحـدى العــالـم

عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أو لأمر فيك تجديد

برق ضيائها من ارض العزة والأنفة .. من ربوع جولاننا الحبيب المغتصب ..
ولدت السيدة زهيه العلي عام 1954م في أسرة تشربت الفقر والتشتت منذ حياتها الأولى أسرة تكدح ليلها و نهارها لتأمن نوائب الدهر ... وعاشت الأم الحبيبة كغيرها من أفراد العائلة وعندما بلغت السادسة من العمر فجعت بوالدتها بمرض ما والله وحده اعلم وأدرى به فهي توفيت على اثر حمى أصيبت بها .. كانت ضربة قاصمة لهذه الطفلة فتحملت عبأ نفسها وتدبير شؤونها وشؤون منزلها بهذه السن الصغيرة , فمنذ سن السابعة تستيقظ منذ الفجر إلى العجن والخبز ورعاية الماشية ، وتدبير شؤون منزلها , والحليب ، وتجميع الحطب في ذلك الشتاء الكئيب , هذا وهي في سن السابعة .فبالله عليكم ما حال بنات السابعة في زماننا هذا , وهناك قصص يعجز عنها اللسان من وصف , ولكن نوجز قدر الإمكان , وفي عام 1967م حدثت النكسة فنزحت هذه العائلة كغيرها من اسر الجولان تاركة ورائها كل ما تملك من حاشية ومتاع .فكانت طامة أخرى استقرت عائلتها في إحدى القرى الحدودية وعملت العائلة بأجر زهيد عند بعض الملاك وقصص القسوة والظلم التي رافقت هذه الفترة اكبر من ان تذكر .
لكن الأخ الأكبر طلب الرزق في قرى حوران حتى استقر في مدينة ازرع . ومع الزمن جاءت الوالدة إلى ازرع ولكن هذه المرة كزوجة لرجل متزوج وعنده 8 من الأولاد ويكبرها سننا" ب25 عام وذلك كبديلة وذلك بعد ان تزوج شقيقها من ابنة اخو الزوج على ان يتزوج الاخير منها .. وهذه هي البدائل وهي من العادات البائدة والمجحفة في حق الأنثى . هكذا تزوجت البديلة دون سياق _ ودون تكلفة أو عرس , حتى ثوب العرس لم تفرح به كغيرها من البنات . كانت تظن إنها سترتاح من الأم الدهر . لكنها أعلنت الجهاد مرة ثانية وعملت في الارض مع ابي فلم تكن تهدأ طوال اليوم . وبعد فترة من الزمن أصاب والدي مرض حرم على أثره نعمة البصر , فلم يبقى معيل لنا الا هي وكنا عشرة أبناء فحملت وزرنا ,فزادت المسؤولية وزاد الفقر وسوء الحال , بالإضافة لمعاملة ابي القاسية رحمه الله وعوضه الجنة , فهو كان كبير السن وقد بلغ الثمانين . وبعد ذلك طردنا من البت اكثر من مرة إلى ان استأجرنا بيت اخر . وكانت الوالدة قد توظفت في المركز العربي ولم تنهزم لأية قسوة لان الظلم صار عندها عادة . كانت تعمل طوال النهار ثم تعود وترعى البيت وتؤمن حوائجه دون ان تنتظر مساعدة من احد وبعد فترة فجعنا بوفاة الوالد واني اذكر جيدا" ماذا أصابها حين سمعت الخبر وكأن أمر عظيم قد حدث لم أكن أتوقع ان هنالك زوجة تتأثر بهذا الخبر مثلما تأثرت ,على الرغم ما عانته معه وهذا من أصالة نفسها ورضاها بما قسم رب العالمين ماذا أقول آهات وفقر وتسلط الزمان
(( ولكن أكاد ابدأ بأدمعي ما أريد وماذا تراه يحكي القصيد )) استمرت وهي حاملة راية النضال حتى يومها هذا بعد ان ربت وأنشئت الرجال وزوجت البنات ممن رأته أهلا للصلاح , واني لم استيقظ في الفجر يوما" الا وجدها ساجدة لله وتدعوا لنا قبل نفسها وتشكره على نعمه وتدعوا لنا قبل نفسها وتشكره على نعمه , رضا ما بعده رضا , فأسأل الله الكريم جل في علاه , ان يجعلنا بارين ومعوضين لها من هذه المسيرة الطويلة , ذهب عني الكثير لم اذكره فهذه نبذة من رحلة معاناة طويلة , تلك المرأة التي نسجت من حياتها معطفا" لنا , الأم الحبيبة زنبقة حياتنا والأرض التي تتفرع جذورنا فيها ونستقي منها معنا الصبر والعمل .





واذكر بعض بيوت الشعر للمتنبي مهداة للأم الغالية :

لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي وللحب ما لم يبق مني وما بقي

ويقول أيضا":
ما كنت ممن يدخل العشق قلبه ولكن من يبصر جفونك يعشق
وعذلت أهل العشق حتى ذقته فعجبت كيف يموت من لا يعشق

ويقول أيضا" :
لطفت رأيك في بري وتكرمتي
ان الكريم على العلياء يحتال




أبو نجــم الـديـن

هذا بمناسبة عيد الأم .....